باب أدب النفس
وهو الخامس من كتاب
أدب الدنيا والدين
اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة ، واخلاق مرسلة .. لا يستغني محمودها عن التأديب ، ولايكتفي بالمرضي منها عن التهذيب .. لأن لمحمودها أضدادا مقابلة يسعدها أي يعتقد تلك الاضداد سعادة ، وهوی مطاع و شهوة غالبة و ماهو بالطبع اذا لم يتأيد بالبراهين العقلية والنقلية .. فلعواصف الهوى قلعه ، ولمتغلب الشهوة نزعه .. فان اغفل تأديبها تفويضا إلى العقل الفطري الذي استحسن محمود الاخلاق .. او توكلا على ان تنقاد إلى الأحسن بالطبع لعفة وقناعة فيها أعدمه التفويض درك المجتهدين أي لحوقه بهم ، واعقبه التوكل ندم الخادمين فصار من الادب عاطلا – من عطلت المرأة من الباب الرابع اذا لم يكن عليها حلى – وفي صورة الجهل داخلا … وقال حبيب فاحسن * وما السيف الا زبرة ان تركته . على الحلقةالأولى لما كان يقطع … لان الأدب مكتسب بالتجربة او مستحسن بالعادة ، ولكل قوم مواضعة يستحسنوها وكل ذلك لا ينال بتوقيف العقل أي بيانه المجرد عن التجربة والاطلاع على العادات ، ولا بالانقياد للطبع حتى يكتسب بالتجربة والمعاناة و يستفاد بالدربة و المعاطاة ای بالاعتياد والتخلق بالتداول مرة بعد اخرى .. ثم يكون المقال عليه قيما اي حافظا ، وزكي الطبع إليه مسلما – هو من سلمته إليه اذا اعطيته أياه – أي ثم يكون الطبع الزکی النقي من الآفات آخذا له راضيا به … ولو كان العقل بالذات مغنيا عن الادب لكان أنبياء الله تعالي و عليهم الصلاة و السلام عن أدبه تعالى مستغنين وبعقولهم مكتفين عن انزال الكتب عليهم ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بالقرآن العظيم لاتمم مکارم الاخلاق .. ببيانها قولا وتصويرها فعلا … قال على القاری رواه أحمد ومالك … ای الملكات النفسية والحالات القدسية المتضمنة لاداء حق الحق و الخلق وقيل لعيسى بن مريم على نبینا وعليه السلام من أدبك قال ما أدبنی أحد و لكن رأيت جهل الجاهل فجانبته و باعدته فكان ادبا ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الله تعالى جعل مکارم الاخلاق ومحاسنها وصلا بينه و بينكم … أي سبب وصول .. فحسب الرجل فضلا ان يتصل من الله تعالى بخلق منها
وقال أردشير بن بابك ومن ولد بهمن الا كبر و من الشجعان المشهورين // في الفرس ومن حكماء الملوك وأول من لعب بنردشير وقيل هو واضعه وكتب إليه متنصح أن قوما اجتمعوا على سبك فوقع عليها ان كانوا نطقوا بألسنة شتى فقد جمعت ما قالوه في ورقتك فجرحك أعجب و لسانك أكذب من فضيلة الأدب إنه ممدوح بكل لسان ومتزين به في كل مكان وباق ذكره على أيام الزمان وقال مهبودشيه العالم الشريف عديم الادب كالبنيان الخراب الذي كلما علا سمکه ای ارتفاعه كان أشد لوحشته و كاالنهر اليابس الذي كلما كان أعرض واعمق کان اشد لوعورته ضد السهل وبالارض الجيدة المعطلة التي كلما طال خرابها ازداد نباتها غير المنتفع به التفافا وانضماما بعضها ببعض وصار للهوام مسکنا من الحية ونحوها و وقال ابن المقفع ما نحن الى ماننقوی به على حواسنا من المطعم والمشرب بأحوج منا إلى الأدب الذي هو لقاح عقولنا وصلاحه فان الحبة المدفونة في الثرى لا تقدر ان تطلع زهرتها ونضارتها الا بالماء الذي يعود اليها من مستودعها ای دافنها وزارعها وحكى الاصمعي ان اعرابيا قاله لابنه یابنی الادب دعامة ، بالكسر عماد البيت أيدالله بها أولو الالباب وحلية زين الله بها عواطل الاحساب .. فالعاقل لا يستغني – وان صحت غريزته – عن الأدب المخرج زهرته كما لاتستغني الارض وان عذبت ترابها عن الماء المخرج ثمرتها . وقال بعض الحكماء الأدب صورة العقل فصور عقلك كيف شئت . وقال آخر العقل بلا أدب كالشجر العاقر ومع الأدب كالشجر المثمر وقيل الادب احد المنصبين وقد قيل تعلموا الأدب فلأن يذم الزمان لكم أفضل من أن يذم بگم وقال بعض البلغاء الفضل بالعقل و الأدب لا بالأصل والحسب لان من ساء أدبه ضاع نسبه و من قل عقله ضل أصله لان الولد السوء يهدم الشرف وقال بزرجمهر من كثر أدبه کثر شرفه وإن كان قبل وضيعا وبعد صيته وان كان خاملا وساد وان كان غريبا وكثرت الحاجة إليه وان كان فقيرا وقال بعض الأدباء ذك قلبك بالأدب أمر من التذكية يقال ذكت النار اذا اشتد لهيبها ای نوره به كما تذكي النار بالحطب واتخذ الادب غنما والحرص عليه حظا يرتجيك راغب ويخاف صولتك راهب و يؤمل نفعك وبرجي عدلك وقال بعض العلماء الأدب وسيلة إلى كل فضيلة وذريعة إلى كل شريعة . وقال بعض الفصحاء الأدب يستر قبح النسب و أوصی
بعض الحكماء ابنه فقال الادب أكرم الجواهر طبيعة وأنفسها قيمة يرفع الأحساب الوضيعة ويفيد الرغائب الجليلة ويغني من غير عشيرة ويكثر الانصار من غير رزية فألبسوه حلة و تزينوا به حلية يؤنسكم في الوحشة ويجمع القلوب المختلفة وقال بعض الشعراء فيه في حق الادب من المتقارب فما خلق الله مثل العقول . ولا اكتسب الناس مثل الادب اي في الفضل والشرف وما كرم المرء الا التقي . ولا حسب المرء إلا النسب أی ما کرمه الإ تقواه لقوله تعالى ان اکرمکم عندالله اتقاكم واراد بالنسب ماينتسب اليه ويستحسنه طبعه من الحرف والصنایع کا لفقيه والمنجم والطنبوری و نحوه وفي العلم زین لاهل الحجا. و آفة ذي الحلم طيش الغضب أی افساد الغضب عقله من طاش الرجل أي ذهب عقله وانشد الأصمعي رحمه الله * وان يك العقل مولودا فلست اری . ذا العقل مستغنیا عن حادث الأدب يعني وان كان العقل النافع هوالغريزي المطبوع فلست أرى ذلك العاقل مستغنیا عن الادب الحادث وإني رأيتهما الماء مختلطا بالترب تظهر منه زهرة العشب وكل من أخطأته في موالده غريزة العقل حاكي اليهم في الحسب و المحاكاة المشابهة والبهم جمع بهمة كتمر و تمرة وهي ولد المعز والبقر وفي القشيرية سمعت أبا نصرالطوسي يقول الناس في الأدب على ثلاث طبقات أما أهل الدنيا فا كثر آدابهم في الفصاحة والبلاغة وحفظ العلوم وأسماء الملوك وأشعار العرب . واما اهل الدين فاكثر آدابهم في رياضة النفوس وتأديب الجوارح وحفظ الحدود وترك الشهوات ، وأما أهل الخصوصية فاكثر آدابهم في طهارة القلوب و مراعاة الاسرار والوقاء بالعهود و حفظ الوقت وقلة الالتفات إلى الخواطر وحسن الأدب في مقام الطلب واوقات الحضور و مقامات القرب روي عن ابن سيرين انه سئل أي الآداب اقرب الى الله تعالى فقال معرفة بربوبيته وعمل بطاعته والحمدلله على السراء ، والصبر على الضراء وقال جی بن معاذ اذا ترك المعارف ادبه مع معروفه هلك مع الهالكين وكان الاستاذ ابو علي الدقاق يقول ترك الأدب موجب يوجب الطرد من أساء الأدب على البساط رد إلى الباب ومن أساء الأدب على الباب رد الى سياسة الدواب
وقيل ثلاث ليس معهن غربة مجانبة أهل الريب وحسن الأدب وكف الأذى وانشد في هذا المعنى * يزين الغريب اذا ما اغترب ، ثلاث قنهن حسن الأدب * و ثانية حسن اخلاقه ، وثالثة اجتناب الريب * وقال الجنيد اذا حجت المحبة سقطت شروط الأدب وقال ابوعثمان اذا صحت المحبة تأكدت على المحب ملازمة الأدب و فيها بحث طويل والتأديب يلزم من وجهين
احدهما ما لزم الوالد لولده في صغره ، والثاني مالزم الانسان في نفسه عند نشوه وكبره
فأما التأديب اللازم للأب فهو أن يأخذ ولده و يعلمه بمبادى الآداب ليأنس بهاوينشو عليها فيسهل عليه قبولها عند الكبر لاستئناسه بمباديها في الصغر لأن نشو الصغير على الشي يجعله متطبعا به ومن أغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسیرا وفرق بين تأسيس مجری و إرسال ماء في مجرى قديم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم على مارواه الترمذي عن عمرو بن سعيد بن العاص انه قال ما انحل والد ولده نحلة هو اي ما أعطاه عطية افضل من ادب حسن يفيده اياه او جهل قبيح يكفه عنه و يمنعه منه قال المناوی ای من تعليمه ذلك ومن تأديبيه نحو توبیخ وتهديد وضرب على فعل الحسن وتجنب القبيح فان حسن الادب مما يرفع العبدالملوك إلى مراتب الملوك وقال بعض الحكماء بادروا بتأديب الاطفال قبل تراكم الأشغال وتفرق البال بداعية التزوج و نفقة الأهل ونحوها وقال بعض الشعراء من البسيط وان الغصون اذا قومتها اعتدلت . ولا يلين اذا قومته الخشب جمع خشب وهوماغلظ من العيدان اليابسة والغصون جمع غصن وهي الرقيق منفروع الأشجار وقد ينفع الادب الاحداث في صغر ، وليس ينفع عند الشيبة الأدب ، وكان مالک بن دینار يقول في قصصه ما أشد فطام الكبير وقال صالح بن عبدالقدوس * والشيخ لايترك اخلاقه . حتى يواري في ثری رمسه .. و اذا ارعوى عاد الى جهله * كذی الضني عادالى نكسه وقال آخر ينشو الصغير على ما كان والده . ان الاصول عليها ينبت الشجر وفي أصل ان العروق وهما بمعنى
واما الادب اللازم للانسان عند نشوه وكبره فأدبان
ادب مواضعة واصطلاح ، وأدب رياضة واستصلاح
فاما ادب المواضعة والاصطلاح فيوخذ تقليدا على ما استقر عليه اصطلاح العقلاء واتفق عليه استحسان الأدباء وليس لاصطلاحهم على وضعه من تعليل مستنبط من الشرع ولا لاتفاقهم على استحسابه دلیل موجب من العقل كاصطلاحهم على مواضعات الخطاب من الابتدائي والطلبي و التأ كيدی باعتبار حال الخاطب من كونه خالى الذهن او مترددا او منکرا ، وإلقاء الكلام إليه بلا تأکید أو به استحسانا أو وجوبا ثم تأكيد التأكيد بحسب انكاره قوة وضعفا و نحوه مما بين في علم المعاني واتفاقهم على هيئات اللباس من طوله او قصره ووسعته أوضيقه حتى ان الانسان الان إذا تجاوز ما اتفقوا عليه منها ای من تلك المواضعات أو الهيئات صار مجانبا الادب مستوجبا للذم لان فراق المألوف في العادة ومجانية ماصار متفقا عليه بالمواضعة مفض الى استحقاق الذم بالعقل لان المألوف متفق عليه وفيه تشبه بأهل زمانه ومجانبتها موجب للذم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتشبه أهل الكتاب فيما لم ينزل فيه و لذا قال مالم يكن لمخالفته علة ظاهرة و معنى حادث كتبديل مسلسته الأول والأختفاء عن أعدائه وقد كان جائزا في العقل أن يوضع ذلك على غير ما اتفقوا عليه فيرونه حسنا ويرون ماسواه قبيحا فصار هذا القسم مشاركا وجب بالعقل من حيث توجه الذم على تارکه و مخالفا له ای لما وجب بالعقل من حيث إنه كان جائزا في العقل ان يوضع على خلافه فلذا اختلفت العادات و لكل قوم اصطلاح .
واما ادب الرياضة والاستصلاح فهو ما كان محمولا على حال لا يجوز في العقل ان يكون بخلافه اولا ان تختلف العقلاء في صلاحها وفسادها و اذا لم يتبعوا اهوائهم ولم ينقادوا لشهواتهم وما كان كذلك فتعليله بالعقل مستنبط ووضوح صحته بالدليل مرتبط ولنفس على مايأتي من شاهد ألهمها الله تعالی ارشادا لها قال الله تعالى في سورة الشمس فألهمها فجورها وتقواها أي افهمها اياها و عرفها حالهما من الحسن والقبح وما يؤدي إليه كل منهما ومكنها من اختيار ايهما شاءت قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بين لها ماتأتي من الخير و ما تذر من الشر وسنذكر تعليل كل شي في موضعه فانه اولى به واحق بالذكر فيه .
فاول مقدمات ادب الرياضة والاستصلاح ان لا يسبق الى حسن الظن بنفسه فيخفي عنه مذموم شیمه و مساوی اخلاقه و لأن عين الرضا كليلة عن كل عيب لان النفس بالشهوات آمرة وعن الرشد زاجرة لعدم ملائمته لها وقد قال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام ( وما ابریء نفسي ) من الزلل وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا أز کیها إن النفس لأمارة بالسوء اراد الجنس اي ان هذا الجنس يأمر بالسوء ويحمل عليه بما فيه من الشهوات في ( الاما رحم ربي ) الا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة كالملائكة والانبياء عليهم السلام وقال صلى الله عليه وسلم أعدى أعداءك أی من أشد اعدائك وليس المراد بالعداوة البغض بل المراد المحنة المفوتةللخير نفسك التي بين جنبيك ثم أهلك ثم عيالك لانهم يوقعونك في الاثم والعقوبة ولاعداوة أعظم من ذلك وقال العلقمي أي اذا اطعتها في التخلف عن الطاعة أوكانت سببا لمعصية اخذ مال من غير حله ودعت اعرابية لرجل أحسن اليها فقالت كبت الله كل عدوك إلا نفسك يقال كبته من الباب الثاني إذاصرعها وأخزاها واذله ( وجعل نعمته عليك هبة لك لا عارية عندك واعاذك الله من بطر الغني وذل الفقر و فرغك الله لما خلقك له ولا شغلك بما تكفل به لك فاخذه بعض الشعراء فقال من السريع وهو عباس بن الأحنف قلبي الي ماضرنی داع . يكن اسقامی و اوجاعی * كيف احتراس من عدوى .. اذا كان عدوى بين اضلاعی ) یعنی ان قلبى لدعوته الى ما يضر بي من العشق يكثرها و كيف أتحفظ واحترس من عدو هو بين أضلاعي * و قلماابقي على ما ار ای . يوشك أن ينهاني الناعی * ما قتل اليأس لاهل الهوى . لاسما من بعد اطماع فاذا كانت النفس كذلك عدوة فحسن الظن بها ذريعة إلى تحكيمها و تحكيمها داع إلى سلاطتها وفساد الأخلاق بها فاذا صرف حسن الظن عنها وتوسمها بما هي عليه من التسويف بالطاعة والمكر بتمويه المعاصي وتأويلها فاز بطاعتها وانحاز عن معصيتها أی عدل وانصرف عنها وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه العاجز من عجز عن سياسة نفسه وقال بعض الحكماء من ساس نفسه ساد ناسه * فاما سوءالظن بها فقد اختلف الناس فيه فمنهم من كرهه لما فيه من اتهام طاعتها ورد مناصحاتها اذانصحت فان النفس وان كان لها مكر يردی فلها نصح يهدي فلما كان حسن الظن بها يعمي عن مساويها كان سوء الظن بها يعمي عن محاسنها ومن عمي عن محاسن نفسه و بسوء ظنه بها كان كمن عمي عن مساويها و بحسن ظنه بها فلم ينف عنها قبيحا ولم يهد اليها حسنا ليأسه من صلاحها وقد قال الجاحظ في كتاب البيان يجب ان يكون في التهمة لنفسه معتدلا و في حسن الظن بها مقتصدا فانه ان تجاوز مقدار الحق في التهمة ظلمها فاودعها ذلة المظلومين وان تجاوز بها الحق في مقدار حسن الظن اودعها تهاون الامنين ولكل ذلك مقدار من الشغل ولكل شغل مقدار من الوهن ولكل وهن مقدار من الجهل . وقال الأحنف بن قيس من ظلم نفسه كان لغيره أظلم ومن هدم دينه كان لمجده أهدم * لان الدين أعز وانفس وذهب قوم الى أن سوء الظن بها أبلغ في صلاحها واوفر في اجتهادها لان للنفس
جورا لاينفك الا بالسخط علمها و غرورالا يتكشف الا بالتهمة لها لانها محبوبة تجور ادلالاوتقر مكرا فان لم يسيء الظن بها غلب عليه جورها وتموه عليه غرورهامن موها النحاسأو الحديد اذا طلاه بفضة أو ذهب فصار بميسورها قانعا و بالشبهة من افعالها راضياوقد قالت الحكماءمن رضی عن نفسه أسخط عليه الناس وقال كشاجمعلى وزنعلابط لقب محمود بن الحسين الرملى من نواحي فلسطين كان رأسا في الكتابة والخطابةلقب نفسه به فسئل عن ذلك فقال الكاف من الكتابة والشين من الشعروالالف من الأدب و الجيم من النجوم والميم من الموسيقي توفي سنة ثلاثين وثلاثمأةمن الكامل ولم ارض عن نفسي مخافة سخطها . ورضیالفتي عن نفسه اغضابها أي في رضاه عنها واحسانه اليها سخطها وغضبها عليه وكل عدو يصلح بالإحسان إلا النفسفانها تزيد عداوته ولو اني عنها رضيت لقهرت بوصل همزة أن لضرورة الوزنوعما تزيد بمثله آدابها و تتهاون عما فيه صلاحها وكمالها وتبينت اثار ذاك فاكثرت عذلي عليه فيطال فيه عتابها و يعني ظهرت آثارا لتقصير فعذلتها وتها على تقصيرهافا کثرتالنفس ذلك واعظمته ولذا طال عما عتابها لىوقد استحسن قول أبي تمام الطائي في ذلكالمعنىويسىء بالاحسان ظنا لا كمن . هو باينه و بشعره مفتون ) ای عاشق يعني أن النفستسي ظنها بها بسبب الاحسان لها اساءة لا كإساءة من هو مفتون بابنه وبشعره بلی اكبرمناسائتها أراد به أبا الطيب واسائته إدعاؤه النبوة والتي اكبر منها هي التأله كما قال بعض الاكابر للنفس
سر لم يظهر الا لفرعون فلم يروا اساءة ظنه بالاحسان ذماو لا استقلال عمله لؤما بل رأوا ذلك أبلغ في الفضل وابعث على الازدياد * فاذا عرف من نفسه ماتجن من اجنه الليل اذا أظلم عليه و ستره وتصور منها مانکن و من اکنه اذاستره وأضمره ولم يطاوعها فيها تحب اذا كان ماتحبه نفسه غيا و ای ضلالة ولاصرف عنها ما تكره اذا كان به ماتلجيء إليه النفسكأنها تكره رشدا لان بعض النفوس مائلة إلى الجود والايثار و نحوه من الفضائلفقد ملكها وغلبها بعد ان كان في غلبها . وقد روى ابو حازم عن أبي هريرة قال قالرسول الله صلى الله عليه وسلم الشديد البطل من غلب نفسهواخذه بعض
الشعراءفقال ليس الشديد الذي يحمى فريسته . عند القتال ونار الحرب تشتعل * لكن من کفطرفا اوثنی قدما . عن الحرام فذاك الفارس البطل وقال عون بن عبدالله بن عتبةبن مسعودقال الجاحظ كان خطیبا راوية ناسبا شاعرا وكان حين هرب الى محمد بن مروانفي فك ابن الأشعث ألزمه ابنه يؤدبه ويقومه فقال له يوما كيف ترى ابن اخيك قال ألزمتنيرجلا ان غبت عنه عتب وان أتيته حجب وان عاتبته غضب ثم لزم عمر بن عبدالعزيز وكانذا منزلة عنده اذا عصتك نفسك فيما كرهت فلا تطعها فيما احبت نفسكولايغر نك ثناء من جهل امرك ، وقال بعض البلغاء من قوي على نفسه تناهي في القوة و لان الظفرعلى اعدى الأعداء هو كمال القوة وتمامها ومن صبر عن شهوتهالمشتبهة او المكروهةبالغ في المروءة فحينئذ يأخذ نفسه عند معرفة ما اكنت وعند خبرة ما اجنت بتقويمعوجها لقدرته عليها واصلاح فاسدها لصبره عن شهوتها وقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت يارسول الله متى يعرف الانسان ربه بعزه وكماله وتقدسه عن النقائص قال اذا عرف نفسه بالذل والنقيصة وان جميع كمالاتها مكتسبة ثم يراعی منها معطوف على قوله فحينئذ يأخذ اي ويراعي من شؤنها ويحافظ ماصلح واستقام من زيغ اغفال أو ميل يكون عن أهمال بيان للشؤون والزيغ الميل إلى ما ليس بحق وليتم له الصلاح و تستديم له السعادة فان المغفل ای المتروك غفلة بعد المعاناة فيتحصل له ضائع والمهمل بعد المراعاة ذائع من ذاع السر اذا شاع وفيه ضياعه وفي القشيرية سمعت الاستاذ أبا على الدقاق يقول من زين ظاهره بالمجاهدة زين الله سرائره بالمشاهدة قال الله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وعنه أيضا قولهم الحركة بركة حركات الظواهر توجب بركات السرائر وعن أبي يزيد كنت ثنتي عشرة سنة حداد نفسي وخمس سنين كنت مرآة قلبى وسنة انظر فيما بينهما فاذا في وسطی زنار ظاهر فعملت في قلعه ثنتي عشرة سنة تم نظرت فاذا في باطنی زنار فعملت في قطعه خمس سنين انظر كيف اقطعه ، فيكشف لي ونظرت الى الخلق فرأيتهم موتى فكبرت عليهم اربع تكبيرات .
واعلم أن أصل المجاهدة و ملاكهافطم النفس عن المألوفات وحملها على خلاف هواها في عموم الاوقات وبنفس صفتان مانعتانلها من الخير انهماك في الشهوات وامتناع عن الطاعات فاذا جمحت عند ركوب الهوى وجبكبحها بلجام التقوى واذا حزنت عند القيام بالموافقات يجب سوقها على خلاف الهوى واذا ثارت عند غضبها فمن الواجب مراعاة حالها فما من منازلة أحسن عاقبة من غضب يكسر
297
سلطانه بخلق حسن و تخمد نيرانه برفق قاذا استحلت شراب الرعونة فضاقت الا عن اظهار مناقبها والتزين لمن ينظر اليها و يلاحظها فمن الواجب كسر ذلك عليها واحلالها بعقوبة الذل بما يذكرها من حقارة قدرها وخساسة اصلها و قذارة فعلها وجهد العوام في توفية الاعمال و قصد الخواص الى تصفية الاحوال فان مقاساة الجوع والسهر سهل يسير ومعالجة الأخلاق والتنقي عن سفاسفها صعب شديد
وسنذكر من أحوال أدب الرياضة والاستصلاح فصولا تحتوی على ما يلزم مراعاته من الأخلاق ويجب معاناته من الأدب وهي ستة فصول متفرعة الفصل الاول : في مجانبة الكبر والاعجاب والثاني : في حسن الخلق والثالث : في الحياء والرابع : في الحلم والغضب والخامس : في الصدق والكذب والسادس : في الحمد والمنافسة وقد جمع أصول الأخلاق حسنها وسيئها والبواقي متفرعة منها لانهما يسلبان الفضائل و یکسبان الرذائل وليس لمن استوليا عليه اصغاء لنصح ولا قبول لتأديب .. لان الكبر يكون بالمنزلة الرفيعة و نفوذالامر والعجب يكون بالفضيلة ، وكثرة مديح المتقربين فالمتكبر يجل نفسه عن رتبة المتعلمين المتنصحين اي يعد أو يعتقد نفسه جليلا وعظيما عن رتبتهم فافعل للاعتقاد والمعجب يستكثر فضله ای يعتقده كثيرا عن استزادة المتأ دبین فهما مع كونهما اصلى الرذائل مانعان من تحصيل الكمال فلذلك السلب والمنع وجب تقديم القول فيهما لأنهما كقطاع الطريق بينه و بين حسن الخلق فوجب استئصالهما ليأمن الطريق بإبانة واظهار مایكسبانه من ذم ويوجبانه من لوم فنقول أما الكبر وهو الاسترواح والركون الى رؤية النفس فوق المتكبر عليه فلا بد له منه بخلاف العجب وإظهار الكبر موجودا او معدودا حقا او باطلا بقول أو فعل تكبر والاستكبار يختص بالباطل ولا يوصف الله تعالی به بخلاف المتكبر والتكبر حرام إلا على المتكبر فانه قد ورد فيه أنه صدقة و إلا عند القتال و عندالصدقة باظهار الغني وعدم الالتفات إلى المال واستصغاره واستقلاله ليقصده الفقراء بنشاط وامن من المن والاذى كما في الطريقة فيكسب المقت ای المبغوضية عند الله وعند الناس ويلهي عن التألف بمن لا يستغني عن معاشرتهم ويوغر صدورالاخوان أی يغر بها بالحقد عليه وحسبك بذلك الثلاثة سوءا عن استقصاء ذمه و لذلك الكسب قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس أنهاك عن الشرك بالله والكبر فان الله يحتجب منها أي لا يغفر لصاحبها كما ورد به النصوص وفي حديث أبي هريرة عنه علیه السلام قال قال الله تعالى ( الكبرياء ردائي والعظمة إزاری) قال في النهاية ضرب الازار و الرداء مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء اي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة والكرم وغير هما وشبههما بالإزار والرداء لان المتصف بهما یشملانه كما يشمل الرداء الانسان ولأنه لا يشارکه في ازاره وردائه أحد كذلك الله تعالى لا ينبغي ان يشركهما فيه أحد وقال المناوی ای هما صفتان مختصان بي فلا يليقان لغيري ( فمن ناز عنى واحدا منهما قذفته في النار ) ای رميته فيها لتشوقه إلى ما لا يليق الا بالواحد القهار وقال ارد شیرین بابك ما الكبر الا فضل حمق لم يدر صاحبه أين يذهب به فيصرفه إلى الكبر وما اشبه با لتعجب ماقال بالحق و ولم يكن اهل کتاب وحكى ان مطرف بن عبدالله بن الشخير بكسر فتشدید
398
نظر الى المهلب بن أبي صفرة واسم أبي صفرة ظالم بن سراق بن صبح الا زدی العتكي البصري أمير كبير مشهور الذکر شجاع جواد نشأ في دولة آل ابي سفيان وقتل الخوارج وحفظ البصرة من تجاوزاتهم واستمر على ذلك إلى أن مات في خراسان في زمن الحجاج سنة ثلاث وثمانين من الهجرة وهو اول من اتخذ الركب الحديد وكانت قبل ذلك من الخشب وكان يقال ساد الأحنف حلمه و مالك بن مسمع بمحبته لعشيرة وقتيبة بدهانه و سادالمهلب بهذه الخلال جميعها ومن كلامه نجبت لمن يشتري العبيد بماله ولايشترى الاحرار بأفضاله وكان كثيرا يأمر بصلة الرحم والمكيدة في الحرب وعليه حلة يسحبها ای تجرها على وجه الأرض و يمشی الخيلاء ، بضم الخاء وكسرها الكبر فقال المطرف يا أبا عبدالله ماهذه المشية نوع من المشي التي يبغضها الله ورسوله فقال المهلب اما تعرفني و تنهائی مما رأيت فقال بل اعرفك أولك نطفة مذرة ای قذرة و آخرك جيفة قذرة وحشوك فيهابين ذلك الأول والآخر بول و عذرة فاخذ ابن عوف هذا الكلام فنظمه شعرا فقال من المنسرح عجبت من معجب بصورته . وكان بالامس نطفة مذرة واراد بالامس زمان تولده من ابيه وفي غده بعد حسن صورته . يصير في اللحد جيفة قذره وهو على تيهه نخوته . ما بين ثوبه يحمل العذره في امعائه وقد كان المهاب افضل من ان يخدع نفسه بهذا الجواب الغير الصواب ولكنها ای کلمته تلك زلة من زلات الاسترسال و خطيئة من خطايا الادلال و قلما يخلو عنه انسان فاما الحمق المريخ والجهل القبيح فهو ماحكي عن نافع بنجبیر بن مطعم انه جلس في حلقة العلاء بن عبدالرحمن الخرقي وهو يقرىء الناس فلما فرغ العلاء قال نافع أتدرون لم جلست اليكم قالوا جلست لتسمع قال لا و لكني اردت ان اتواضع لله بالجلوس اليكم فهل يرجي من مثل هذا القائل فضل او ينفع فيه عذل ولوم وهو أعظم زهوا من ذباب على خرا وقد قال ابن المعتز لما عرف اهل النقص حالهم و منزلتهم عند ذوي الكمال ولم يمكن لهم مقابلة كمالهم بكمال استعانوا بالكبير ليعظم صغيرا ويرفع حقيرا الى درجة ذوي الكمال او فوقها وليس بفاعل اصلا لما سبق ان الكبر فضل حمق وانما يرفع الوضيع العلم والعقل واما الاعجاب من اعجب اى صار ذا عجب وهو بضم فسكون استعظام العمل الصالح وذكر حصول شرفه بشی دون الله تعالى مالي من النفس او الناس وقد يطلق على مطلق استعظام النعمة والركون اليها مع نسيان اضافتها إلى المنعم وضده ذكر المنة وهو أن يذكر انه بتوفيق الله تعالى وانه الذي شرفه و عظم ثوابه و قدره وهذا الذكر فرض عند دواعي العجب فيخفي المحاسن ويظهر المساوي ويكسب المذام ويصد عن الفضائل وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ان العجب ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والمضبوط الحسد يأكل الحسنات فلعله رواية أخرى قال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه الاعجاب ضد الصواب و آفة الالباب وقال بزر جمهر النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع والبلاء الذي لايرحم صاحبه منه ای من اجله العجب وقال بعض الحكماء عجب المرء نفسه احد حساد عقله يتمنى زوال فضل عقله وكماله من حيث منعه من الزيادة وليس الى مایکسبه الكبر من المقت حد ولا إلى ما ينتهي اليه العجب من الجهل غاية حتى انه أي العجب
399
ليطفيء من المحاسن ما انتشر و يسلب من الفضائل ما اشتهر وناهيك بسيئة تحبط كل حسنة و بمذمة تهدم كل فضيلة مع مايثيره من حنق ای بهيجه من بغض ویکسیه من حقد حكى عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال قيل للحجاج كيف وجدت منزلك بالعراق قال خير منزل لوكان الله بلغني قتل أربعة فتقربت اليه بدمائهم قيل ومن هم قال مقاتل بن مسمع ولي سجستان من توابع خراسان فاتاه الناس فأعطاهم الأموال فلما عزل دخل مسجد البصرة فبسط الناس له أرديتهم و تعظيما له فغشي عليها وقال لرجل يماشيه به اعجابا لمثل هذا هو التعظيم والتفخيم
فليعمل العاملون اقتباس من آية الصافات وقبلها وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم مثل هذا الاية وعبيد الله بن زياد بن ظبيان التميمي خوف اهل البصرة امر فخطب خطبة او جز فيها مع بلوغ المرام فنادى الناس من اعراض المسجد من اطرافه اکثرالله فينا مثلك أزلت خوفنا فقال هو عبيد الله لقد كانت الله شططا يقال شط في السلعة شططا أذا جاوز القدر والحد وتباعد عن الحق وعده الجاحظ من الخطباء وقال كان عبيد الله افتك الناس واخطب الناس قال له ابوه الا أوصى لك قال الأقال و قال اذا لم يكن لاحي الا وصية الميت فالحي هو الميت وقال قال اشيم بن شفيق بن نور العبيد الله بن زياد بن ظبيان ماانت قائل لربك وقد حملت رأس مصعب بن الزبير الى عبد الملك بن مروان قال أسكت فانت يوم القيمة اخطب من صعصعة بن صوحان اذا تكلمت الخوارج فماظنك ببلاغة رجل مثل عبيدالله بن زياد ومعبد بن زرارة كان ذات يوم جالسا في طريق فرت به امرأة فقالت له ياعبدالله كيف الطريق الى موضع كذا فقال ياهناة مثلي يكون من عبيد الله والهن بالتخفيف الشيء المستهجن أو الغير المناسب تصريحه يقال في النداء للرجل ياهن و المرأة ياهناة وابوشمال الاسدي اضل راحلة فالتمسها فلم يجدها فقال والله أن يرد الله الى راحلتي لاصلیت له صلاة ابدا فالتمسها الناس ثانيا فوجدوها فقالوا له قدردالله راحلتك فصل أي دم عليها فقال أن يميني ين مصر كأنه يهدد الله به أعوذ بالله تعالى فانظر الى هؤلاء كيف اقضى بهم العجب الى حمق صاروا به نكالا ای عقوبة بسبب کفرهم في الأولين حق تمنى الحجاج التقرب الى الله بدمانهم ومثلا في الآخرين نعوذ بالله من الخذلان المؤدي الى النيران ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ولو تصورالمعجب المتكبر مافطر عليه من جبلة و بلى به من مهنة لخفض جناح نفسه ای تذلل واستبدال لينا من عتوه وسكونا من نفوره و قال الأحنف بن قيس عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر وقد وصفه بعض الشعراء الانسان فقال من البسيط یا مظهر الكبر اعجابا بصورته الحسنة انظر خلاك فان النتن تثريب و يقال ثر به أذا لامه وعيره بذنبه ای يثر بك تثريبا عدل الى الرفع بعد حذف فعله لقصد الدوام كأن حاله يفيد انه كان من انفس المطعومات والذ المشتهيات وكان يرغب اليه وبذل دون وصوله الأموال ويكرم به الاخوان وما صاحبك إلا زمانا یسيرا فكأن ما كان وصار ماصار وما ذلك الا لمصاحبتك فبئس صديق انت ولو فكر الناس فيما في بطونهم. ما استشعر الكبر شبان ولاشيب هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة بأربع هو في الأقذار مضروب ای مشهور انف يسيل واذن ريحها سهك متعفن وخبيث والعين مرفضة والثغر ملعوب ای ذو لعاب ومرفضة من الأرفضاض يقال ارفض الدمع اذا ترشش يا ابن التراب ومأكول التراب غدا . اقصر فانك مأكول و مشروب ای اقصر من طولك بتطامن رأسك كما قال الله تعالى ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا واحق من كان للكبر مجانيا و الاعجاب میاینا من جل في الدنيا قدرهوعظم فيها خطره كما قال السعدي تواضع زكردن فرازان نیکوست .ك دا كر تواضع کنند خوی اوست لانه قد يستقل آی يعد قليلا بعالى همته كل كثير فباي شي يتكبر ويستصغر معها كل كبير فلا شي يتعجب ومما جبل عليه الحر الكريم أن لا يقنع من شرف الدنيا والآخرة بشي مما انبسط له من امر الدنيا بل يكون امله فما هو اسني منه درجة وارفع رتبة كما يأتي في علو الهمة وقال محمد الباقر بن على بن الحسين بن علی بن ابي طالب رضي الله عنهم ولا ينبغي للشريف أن يرى شيئا من الدنيا لنفسه خطيرا ای رفيعا من نفسه فيكون بها نابها که ای عظيا وجليل الشان لانه خلق الانسان والانسان للمعرفة فهو أفضل منه وفي رؤيتها خطيرا تعظيم ما حقر و تحقير ماعظم و قال ابن المهاالعيسى بن موسی ابن ابی العباس السفاح كان وإلى الكوفة بعد انشاء بغداد تواضعكفي شرفك اشرف للت من شرفك وكان يقال اسمان متضادان و يستعملان بمعنى واحدالتواضع والشرف لان التواضع هو الذل و وللكبر أسباب فمن اقوي اسبابه علو اليد و نفوذ الامر وقلة مخالطة الاكفاء و جمع كفوء اي الأمثال وحكي أن قوما مشوا خلف علىبن ابی طالب رضي الله عنه فقال ابعدوا عني خفق نعالكم اي صوتها فانها مفسدةلقلوب نوكي الرجال جمع أنوك ومشوا خلف ابن مسعود رضي الله عنه فقالارجعوا فانها أی المشية زلة التابع وفتنة المتبوع و لكونها داعية الى الاعجاب و روی قيس بن حازم أن رجلا اتى به للنبي صلى الله عليه وسلم فاصابته وعدة و من دهشة القدوم عليه فقال له صلى الله عليه وسلم هون عليك فانما انا ابن امرأة كانت تأكلالقديد أي اللحم المشوي بالشمس وانما قال ذلك صلى الله عليه وسلم حسما لموادالكبر و قطعا لذرائع الاعجاب وكسرا لاشر النفس ای بطرها وتكبرها يحملها عليه شطارتها من اشر الرجل اشرا من الباب الرابع اذا فرح وفيرا ومرح وتذليلا لسطوة الاستعلاء لانه اتى ذلك الرجل اسيرا ومثل ذلك، ماروی عن عمر بن الخطاب رضیالله عنه أنه نادي الصلاة جامعة فلما اجتمع الناس صعد المنبر فحمد الله واني عليه وسلم على نبيه صلى الله عليه و سلم ثم قال ايها الناس لقد رأيتني ارعى على خالات على من بنی مخزومفيقبضن لي القبضة من التمر والزبيب فاظل اليوم من ظل يعمل كذا اذا عمله بالنهار دون الليل و با به علم وای یوم حسن هو فكأنه يتحسر على مافات وهو خليفة فقال لهعبدالرحمن بن عوف والله يا أمير المؤمنين مازدت على أن قصرت بنفسك لان تحسر العالي الكبير على الدنی الحقير من دنائة النفس و حقارة الطبع فقال عمر رضي اللهعنه ويحك كلمة رحمة كما أن ويل كلة عذاب يا ابن عوف اني خلوت فحدثتني نفسي فقالت انت اميرالمؤمنين فمن ذا افضل منك فاردت ان اعرفها نفسها وما كان عليها رضی
الله عنه و للاعجاب أسباب فمن أقوى أسبا به كثرة مديح المتقربين واطراء المتملقين الذين جعلوا النفاق القولى عادة ومكسبا و التملق خديعة وملعبا فاذا وجدوه أی المتملقون مديحهم واطراءهم مقبولا في العقول الضعيفة أی عند اصحابها لان اصحاب العقول الصحيحة يعرفون انفسهم بذواتهم لا باطراء المتملق اغروا اربابها باعتقاد کذبهم وجعلوا ذلك ذريعة إلى الاستهزاء بهم اوسلب أموالهم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلا يزکی رجلا في غيبته فقال صلى الله عليه وسلم له قطعت مطاه ای ظهره لو سمعها ما أفلح بعدها ای بعد كلمة المدح لتوهینها سعيه وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدح ذبح ، ولا يحس به المذبوح لحدة سنان اللسان وقال ابن المقفع قابل المدح كمادح نفسه حكى ان خالد بن عبدالله القسري قال لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله من كانت الخلافة زانته فقد زينتها ومن شرفته فقد شرفتها فانت كما قال الشاعر و تزيدين اطيب الطيب طيبا … ان تمسيه اين مثل اینا واذا الدر زان حسن وجوهه کان للدر حسن وجهك زينا قال عمران صاحبكم اعطى مقولا ولم يعط معقولا و وقال بعض الحكماء من رضى أن يمدح بالبناء المفعول بما ليس فيه فقد امكن الساخر منه و ای صيره ذا مكنة وقدرة على سخريته به وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما رواه ابن ماجة عن معاوية بن أبي سفيان انه قال إياكم والتمادح فانه الذبح قال المناوي لان المذبوع هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور او لان المدح يوجب العجب والكبر وهو مهلك كالذبح فالمدح مذموم سيما إن كان فيه مجازفة وقد اني على رجل صالح فقال اللهم ان هؤلاء لا يعرفوننی وانت تعرفني .. وقال علي رضي الله عنه لما أثني عليه اللهم اغفر لي مالا يعلمون ولاتواخدني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون وذلك توبته كما في الشعب للبيهقي وان كان احدكم مادحا اخاه لامحالة فليقل أحسب ولا أزكي على الله احدا ومايؤدی مؤداه مثل عسى ولعل هو وقيل فيها انزل الله من الكتب السالفة عجبت لمن قيل فيه الخير وليس فيه كيف يفرح وعجبت لمن قيل فيه الشر وهو فيه كيف يغضب وقال بعض الشعراء ومن البسيط ياجاهلا غره أقراط مادحه. لا يغلين جهل من أطراك علمك بك قوله جاهلا منادي منكر وقوله لا يغلبن بالنون الخفيفة جواب النداء و جهل فاعله ومفعوله علمك والاطراء حسن المدح والثناء يقال اطراه اذا احسن الثناء عليه ولما كان اضافة الجهل الى المطري غير بدیهی بينه بقوله اثنى وقال بلا علم . وانت اعلم بالحصول من ريبك يعنى اثناك
المطري و قال فيك ماقال بلا علم احاطه به بل بظن و امارة وانت اعلم من المطري بالذي حصل منك من الريوب والآثام التي اضطربت نفسك عند حصولها و المطري لا يعرفها أصلا وهذا امر ينبغي للعاقل اذا اثني و ان يضبط نفسه عن ان يستفزها و الفز الخفيف وقعد مستفز ای غیر مطمئن ويمنعها من تصديق المدح لها و قد اجاب بعض الصلحاء المطري بقوله * كفيت اذى يامن تعد محاسني . علانيتي هذا ولم تدر باطني * و بعضهم يقوله * ولو علم الخلائق سوء فعلى . لماردوا الى مثلي سلاما فان للنفس ميلا لحب الثناء وسماع المدح وقال الشاعر و من الكامل يهوى الثناء مبرؤ ومقصر .. حب الثناء طبيعة الانسان و يقال برز الرجل اذا فاق اصحابه به فضلا أو شجاعة ضد قصر فاذا سامح نفسه في مدح الصبوة أي في جهلة الفتوة والشبابة وتابعها على هذه الشهوة تشاغل بها عن الفضائل الممدوحة ولها بها و ای بتلك المسامحة عن المحاسن الممنوحة ای ويترك السعي ويغفل عن المحاسن التي ستمنح لولم يغفل عنها يقال لها بالشي من باب عدا اي لعب به فصار الظاهر من مدحه كذبا لأن للممدوح محاسن منتظرة وقد ابرز المطري ماهو بالقوة في معرض الفعل وذلك الأبراز کذب حقيقة وصدق مجازا أن وجدت قرينة مانعة ولا ينصب في المدائح قرينة أصلا فضلا عن كونها مانعة فظواهرها کذب حقيقة والباطن من ذمه صدقا عبر الباطن لان الذم مخفي في المدائحے من حيث أن الممدوح قابل للمحاسن المبسوطة فيها الا انه لم يتصف بجميعها بالفعل بل بعضها بالقوة وذلك صدق لامحالة فيتعارض الصدق الباطن والكذب الظاهر وعند تقابلهما يكون الصدق وهو الذم و الزم الأمرين لان القضايا الملفوظة موضوعها الصدق والكذب احتمال عقلى مرجوح مبني على جواز تخلف الألفاظ عن موضوعاتها اللغوية بان يراد بها الهزء او المجاز أو الكناية وهذه المساحة والتبعية خدعة دقيقة لايراضيها عاقل ولا ينخدع بها ممیز بين الظاهر والباطن وليعلم العاقل و ان المتقرب، بالمدح يسرف فيه حتى ينتهي إلى مرتبة الغلو والاغراق مع القبول ويكف عن الاسراف مع الاباء والاشمئزاز فلا يغلبه حسن الظن هو بنفسه او مادحه على تصديق مدح هو اعرف بحقيقته و لیکن تهمة المادح أغلب عليه من تصديق ماقاله فقل مدح كان جميعه صدقا وقل ثناء كان كله حقا ، ولذلك ای لكون المدح متضمنا للكذب والباطل وكره اهل الفضل ان يطلقوا الستهم بالثناء والمدح تحرزا من التجاوز فيه و لأن أحلى المدائح أكذبه وتنزيها عن التملق به والتملق من أخلاق اللئام وقال منصف من الشعراء الكلب والشاعر في منزل . ياليت اني لم اكن شاعرا * هل هو الا باسط کفه . يستطعم النازل والصادرا * والله لولا خرفات الهوى . ما كنت الارجلا تاجرا وقد روی مکحول كان منزلته في الشام كمنزلة الحسن البصري في البصرة والشعبي في الكوفة وسعيد بن المسيب في المدينة يروى عن انس وغيره من الصحابة والتابعين وكان عجميا و قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكونوا عيا بين الناس ولاتكونوا لعانين في كل ما هم عليه ولا متمادحين ولامتماوتین من تماوت ای اظهر صورة الموت با الضعف والنحافة او بالقول والفعل وفي الكامل للمبرد روی ان عمر رضي الله عنه نظر الى رجل مظهر للنسك متماوت فخفقه بالدرة وقال لا تمت علينا ديننا اماتك الله وحكى الاصمي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان اذا مدح بالبناء للمفعول قال اللهم انت اعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم اي من المداحين اللهم اجعلني خيرا مايحسبون واغفرلي مالا يعلمون من الآثام ولا تؤاخذني بما يقولون وقد سبق أن ذلك توبة الممدوح وقال بعض الشعراء من الطويل اذا المرأ لم يمدحه حسن فعاله . فما دحه يهذي وان كان مفصحا و مبينا عن حسن فعاله ويهذي من الهذيان يقال هذي الرجل من الباب الثاني اذا تكلم بغير معقول لمرض او غيره فالمادح كالشاهد الزور المشهور به يرده المحاكم كله واما حسن الفعال فشاهد عدن مز کی فشهادته مقبولة في الدنيا وفي الاخرة ايضا لولم يتهم بالرياء او السمعة وربما آل حب المدح بها حبه الى ان يصير مادح نفسه أمالتوهمه ان الناس قد غفلوا عن فضله واخلوا بحقه ) من المدح فيسوقه المنافسة الى مدح نفسه وفتح باب الاستهزاء عليه ومن الأمثال التركيه بزم شخك كرامانی اولور منقول کندندن ( واما ليخدعهم بتدليس نفسه بالمدح والإطراء ) ای بتزيينها ( فيعتقدون أن قوله حق منبع وصدق مستمع ) فلو تضمن مدحه التعريض بذم شريكه في مسلكه فقد تمت خمر المدح بكباب الغيبة ( واما لتلذذه بسماع اثناء و مرور نفسه بالمدح والاطراء كما يتغنى بنفسه طربا إذا لم يسمع صوتا مطربا ولا غناء ممتعا ) ای مفید النشاط ( ولاي ذلك ) الثلاثة ( كان ) مدح النفس ( فهو الجهل الصربح والنقص الفضيح ) وما ورد في الأحاديث ما صورته التمدح فليس للاعجاب بل لتعليم الأمة وتحديث النعمة والأنبياء عليهم السلام معصومون عن الزلة فكيف بالقبيحة ( وقد قال بعض الشعراء ) من الطويل ( وما شرف ان يمدح المرء نفسه. و لكن اعمالا تذم وتمدح ) وتنوین اعمالا عوض عن المضاف اليه ای اعماله تذمه أو تمدحه والشرف في مدح الاعمال ( وما كل حين يصدق المرء ظنه ) و بدل اشتمال من المرء . لأن بعض الظن اثم ومن ذلك حسن ظنه بنفسه مع انها اعدى عدوه ( ولا كل أصحاب التجارة يربح ) بل يخسر بعضه حتى يفلس کالمادح نفسه ( ولا كل من ترجو لغيبك حافظا ) خبر لا ای ولا كل من رجوه لحفظ غيبك حافظا له ( ولا كل من ضم الوديعة يصلح ) لضمها وحفظها فكم اسرار سمعت من واش وكم ابكار صرن أمهات اولاد .. وقال الأمير ضیا * امید و قابلمه هر شخص دغلده . چوق حاجيار له چیقدی حاجی زیر بغلده ( وينبغى للعاقل أن يسترشد اخوان الصدق ) ای آن يطلب الرشاد منهم ( الذين هم اصفياء القلوب ومرايا المحاسن والعيوب ) من حيث اطلاعهم عليهما كانهما انطبعا فيهم (على ماينبهونه عليه من مساويه التي صرفه حسن الظن ) ای حسن عليهما كانهما الطبعا فيهم ( على ما ينبهونه عليه من مساويه الي صرفه حسن الظن) ای حسن ظنه بنفسه ( عنها ) عن تلك المساوي ( فانهم امكن نظرا واسلم فكرا و يجعلون ما ينهونه عليه من مساو به عوضا عن تصديق المدح فيه ) والاصفياء لا يتهمون بالحسد ولو fلاعوض ( وقد روی انس بن مالك ) على ما رواه الطبراني والضياء المقدمی عنه ( عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال المؤمن مرآة المؤمن ) ای یبصر من نفسه مالا يراه بدونه او المؤمن في اقرارة عيب صاحبه كالمرآة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور ( اذا رأى فيه عيبا اصلحه ) ای اصلح كل منهما عيب نفسه ( وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول رحم الله امرأ إهدی الينا مساوينا ) لنصلحها (وقيل لبعض الحكماء أتحب ان تهدي اليك عيوبك قال نعم من ناصح ) برید برائتي من العيوب لا من عدو يشمت بالذنوب ( ومما يقارب معنى هذا القول ماروی عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لابن عباس رضي الله عنهما من ترى ان توليه حمص ) من نواحي الشام ( فقال رجلا صحيحا منك ) لاتسوء به الظن بانه ليس من أهل الكفاية ( صحيحا لك ) ، مخلصا في طاعتك ( قال) عمر ( تكون أنت ذلك الرجل قال ) ابن عباس ( لا تنتفع بي مع سوء ظني بك وسوء ظنك بي ) لما حملت كلامي على التعريض وسؤال الولاية ومقاربة هذا لذلك من جهة عدم الانتفاع مع سوء الظن ( وقيل في منثور الحكم من اظهر عيب نفسه فقد زكاها ) من حيث ايمانه إلى أنه برئ من جميع العيوب واعياه ما اظهره ( فاذا قطع ) العاقل ( اسباب الكبر وحسم مواد العجب ) من نفسه واعتاض بالكبر تواضعا وبالعجب توددا وذلك ) و الاعتياض ( من أوکد اسباب الكرامه واقوي مواداتهم وابلغ شافع إلى ) جذب ( القلوب يعطفها الى المحبة و يثنيها ) ای بصرفها (عن البغض وقال بعض الحكماء من بریء من ثلاث نال ثلاثا الشرف نال العز ) ای عز الغني ( ومن برى من البخل نال الشرف ) ای شرف الجود ( ومن بریء من الكبر نال الكرامة ) ای کرامة التواضع ( وقال مصعب بن الزبير التواضع مصائد الشرف ) جمع مصيدة ولعله مصحف مصاعد جمع مصعد كما قال السعدی * بلندیت باید تواضع کزین ، کزین بام رانيست سالم جزاین ( وقيل في منتورالحكم من دام تواضع کثر صديقه * وقد تحدث ) أي تظهر ( المنازل و الولايات لقوم اخلاقا مذمومة يظهرها سوء طباعهم ) ودناءة احسابهم ولآخرین فضائل محمودة يبعث علبها زكاء شيمهم ) وطهارة انسابهم و ذلك تتميم البحث وتخصيص لقوله ومن اقوى اسباب الكبر نفوذ اليد ( لان لتقلب الأحوال سكرة ) اشد من خرند. قرار بندگی کن و دعوی جاکری
404
في الفصل الثاني في حسن الخلق
قال الراغب الخلق والخلق يعني بالضم والفتح في الأصل بمعنى واحد كالشرب والشرب لكن خص الخلق الذي بالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصر وخص الخلق الذي بالضم بالقوى و السجايا | المدركة بالبصيرة وعي فه القاضي عياض في الشفاء بقوله وهو الاعتدال في قوى النفس واوصافها والتوسط فيها دون الميل إلى منحرف اطرافها وقال على القاری فان لها ثلاث قوى نطقية اعتدالها حكمة وشهوية اعتدالها عفة وغضبية اعتدالها شجاعة فانطق طرف افراط هو الجريزة استعمال الفكرة واشتغال الالة فيما لا ينبني و تفريط هوالغباوة كتعليل الفكرة عن اكتساب العلوم وافادتها واستفادتها والشهوة طرف افراط هو الفجور كالانهماك في اللذات و تفریط هوامو دکترك مارخص شرعا و عقلا من البنات ولاغضب طرف افراط هو انبوه کالاقدام على مالا ينبني و تفريط هوالجبين کترك الاقدام على ما ينبغي فما بينهما هوالاعتدال والتوسط في الأخلاق انتهي واتفق جميع العقلاء من الفضلاء والعلماء على تفضيل صاحبه و تعظيم المتصف بالخلق الواحد منه فضلا عما فوقه واثني الشرع على جميعه وامر به ووعد السعادة الدائمة للمتخلق به وهذا الكتاب جامع لتلك الأصول مع الايماء الى اكثر الفروع ولا بأس أن ذكر جميع الأصول والفروع اجمالا تتميما للفائدة قال البر كوي في الطريقة وللمتقدمين ومن سلك مسلكهم في ضبط الفضائل وحدودها طريقة وهي حصر اصولها وتفريع شعب كل منها والاصول اربعة ثلاثة مفردة وهي الحكمة والشجاعة والعفة و واحد مركب من مجموع هذه الثلاثة وهي العدالة ( فشعب الحكمة سبع ) الأول صفاء الذهن استعدادالنفس لاستخراج المطلوب بلا تشويش (۲) جودة الفهم صحة الانتقال من الملزوم الى اللازم (۳) الذكاء سرعة اقتداح النتائج (4) حسن التصور البحث عن الاشياء بقدر ما هي عليه (ه) سهولة التعلم قوة النفس على درك المطلوب بلا زيادة سعي (1) الحفظ ضبط الصور المدركة (۲) الذکر استحضار المحفوظات ( وشعب الشجاعة أثني عشر ) (1) كبر النفس استحقار اليسار والفقر والكبر | والصغر (ب) العفو ترك المجازاة بسهولة من النفس مع القدرة (ج) عظم المهمة عدم المبالاة بسعادة الدنيا وشقاوتها (د) الصبر قوة مقاومة الآلام والأهوال (هـ) النجدة عدم الجزع عند مخلوق ( و ) الحلم الطمانية عند سورة الغضب (ز) السكون التأني في الخصومات والحرب (ح) التواضع استعظام ذوى الفضائل ومن دونه في المال والجاه (ط) الشهامة الحرص على ما يوجب الذكر الجميل من العظام ( ي) الاحتمال أتعاب النفس في الحسنات ( ا ) الحمية | المحافظة على الحرم والدين من التهمة (ب) الرقة التأذي عن أذي يلحق الغير ( وشعب العفة اثني عشر) الأول الحياء انحصار النفس خوف ارتكاب القبائح . الثاني الصبر حبس النفس عن متابعة الهوى . الثالث الدعة السكون عند هيجان الشهوة . الرابع النزاهة اكتساب المال من غير مهانة ولاظلم و انفاق في المصارف الحميدة . الخامس القناعة الاقتصار على الكفاف . السادس الوقار التأني في التوجه نحو المطالب . السابع الرفق حسن الانقياد لمايؤدى الى الجميل . الثامن حسن السمت محبة مايكمل النفس. التاسع الورع ملازمة الاعمال الجميلة. العاشر المروءة الرغبة | الصادقة للنفس في الافادة بقدر ما يمكن ، الحادي عشر الانتظام تقدير الامور وترتيبها بحسب المصالح الثاني عشر السخاء أعطاء ما ينبغي لمن ينبغي ( وهذا تحته ستة أنواع ) الاول الكرم الاعطاء بالسهولة وطيب النفس و ثانيها الايثار أن يكون مع الكف عن حاجته ، وثانها النبل ان يكون | مع السرور ورابعها المواساة أن يكون مع مشاركة الاصدقاء ، وخامسها اسماحة بذل مالا يجب تفضلا وسادسها المسامحة ترك ما لا يجب تنزها ( وشعب العدالة اربعة عشر الأول الصداقة المحبة الصادقة بحيث لا يشوبها غرض ويؤثره على نفسه في الخيرات . الثاني الالفة إنفاق الاراء في المعاونة على تدبير المعاش . الثالث الوفاء ملازمة طريق المساواة ومحافظة عهد الخلطاء الرابع التودد طلب مودة الاكفاء بما يوجب ذلك . الخامس المكافاة مقابلة الاحسان بمثله او زيادة السادس حسن الشركة رعاية العدل في المعاملات . السابع حسن القضاء ترك الندم والمن في المجازاة . الثامن صلة الرحم مشاركة ذوي القربة في الخيرات . التاسع الشفقة صرف الهمة الى ازالة المكروه عن الناس . العاشر الاصلاح التوسط بين الناس في | الخصومات بما يدفعها . الحادي عشر التوكل ترك السعي فيما لا يسعه قدرة البشر . الثاني التسليم الانقياد لأمر الله تعالى وترك الأعتراض فيما لا يلائم الثالث عشر الرضا، طيب النفس | فيما يصيبه ويفوته مع عدم التغير . الرابع عشر العبادة تعظيم الله واهله وامتثال أوامره لجموع الأصول والشعب خمسة وخمسون والتصوف والطريقة عبارة عن تحلية القلب بهذه الأمور وتخلينه عن اضدادها انتهي ومالا يدرك كله لايترك كله ولان يموت الانسان في طلب حسن الخلق خير له من أن يهلك کارها له مبغضا لاهله ( وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله تعالى أختار لكم الاسلام دينا فاكرموه بحسن الخلق والسخاء فانه لايكمل الا بهما ) ورواية الطبراني عن عمران بن حصين ( الا فزينوا دینکم بهما ) ( وقال الأحنف بن قيس الا اخبركم بادؤ الداء قالوا بلى قال الخلق الدني واللسان البذي ) الفاحش القول و قبیحه ( وقال بعض الحكماء من ساء خلقه ضاق رزقه و علة هذا القول ظاهرة ) وهي أن الرزق يكتسب بالالفة ولا الفة بسوء الخلق ( وقال بعض البلغاء الحسن الخلق ) باضافة الصفة الى معمولها ( من نفسه في راحة والناس منه في سلامة والسيء الخلق الناس منه في بلاء وهو من نفسه في عناء ) لتوغره صدورهم واثارته داعية الانتقام فيهم ( وقال بعض الحكماء عاشر اهلك باحسن أخلاقك فان الثواء ) بالفتح اي الاقامة ( فيهم قليل ) والضيف يعاشر مضيفه بحسن خلقه لعلمه انه يرتحل غدا ( وقال بعض الشعراء ) من الوافر ( واذا لم تتسع اخلاق قوم . تضيق بهم فسيحات البلاد ) ای البلاد الفسيحة ( اذا ما المرء لم يخلق لبيبا . فليس اللب عن قدم الولاد ) اى التولد والليث باعوام كثيرة ( فاذا حسنت اخلاق الانسان كثر مصافوه وقل معادوه فتسهلت عليه الأمور الصعاب ) لكثرة مصافيه ( ولانت له القلوب الغضاب ) لعدم معادیه و قال اعرابی لبنیه عاشروا الناس معاشرة اذا غبتم حنوا اليكم وان متم بكوا عليكم وقد روي عن الني صلى الله عليه وسلم انه قال حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار ) من عطف المسبب على السبب لان العمارة سبب لجيادة الهواء و نفوذ الشمس الى حيث يلزم نفوذها وذلك ما يصلح الأخلاط الردية ويدفع الأمراض الوبية وعمارة شهر لا يسعها مال واحد ولا عمره فلذا يلزم الاتفاق عليها ولااتفاق لا مع سوء الخلق ولا مع سوء الجوار( وقال بعض الحكماء من سعة الأخلاق كنوز الارزاق و سباب ذلك ما ذكرنا من كثرة الاصفياء المسعدين وقلة الاعداء المجحفين ) و من اجحف به اذا ذهب به ولم يبق شيئا ( ولذلك ) أي لكون سعة الأخلاق كنوزالارزاق ( قال النبي صلى الله عليه و سلم ) كما رواه الترمذي عن جابر ( ان احبكم الى ) اى في الدنيا و العقبي ( واقربكم مني مجالس ) لعل وجه الجمع اعتبار الانواع يوم القيامة ( أحسنكم أخلاقا ) وفي الشفاء أحاسنكم جمع احسن والمراد بالأخلاق الشمائل والاحوال واستدل بهذا الحديث على أن افعل التفضيل اذا اضيف الى معرفة جاز ان يطابق موصوفه وان لا يطابق لانه عليه السلام أفرد احب واقرب و جمع احاسن ففيه جمع بين اللغتين و تفنن في العبارتين ( الموطؤن ) بصيغة المفعول من التوطئة أی المذللون واكنافا جمع کنف بكسر ويفتح وهو الجانب اي الذين جوانبهم وطيئة يمكن منها من يصاحيهم ولا يتأذى منهم مأخوذ من فراش وطيء لايؤذي جنب النائم والمراد منهم المتواضعون اللينون الهينون كما ورد في اوصاق المؤمنين ( الذين يألفون ) بفتح اللام ( ويؤلفون ) بصيغة المجهول اى يألفون الناس والناس يألفونهم وذلك لحسن أخلاقهم وسهولة طباعهم وضياء قلوبهم وصفاء صدورهم وروی ( وان ابغضكم الى وابعدكم مني مجالس يوم القيامة الثرنارون المتشدقون المتفيهقون ) وروى ابغضكم إلى المشاؤن بالنميمة المفرقون للاحبة الملتمسون للبراء العيب ذكره على القارى ( وحسن الخلق أن يكون سهل العريكة لين الجانب طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأوصاف فقال أهل الجنة كل هان لین ) بالتخفیف فيهما من الهون وهو السكينة والوقار والسهولة ( سهل طلق ) ای بشوش وفي حديث ابي هريرة عند البيهقي ( المؤمن هين لين حتى تناله من اللين احمق ) ای تظنه غير منتبه يطریق الحق ( ولما ذكرنا من هذه الأوصاف حدود مقدرة ومواضع مستحقة كما قال الشاعر ) من البسيط ( واصفو واکدر احيانا لمختبری ) ای لمن يجرب اخلاقي و طباعي ليتخذني خليلا ( وليس مستحسنا صفو بلا کدر* و ليس بريد بالكدر) الذي هو ( البذاء ) ای فحش اللسان ( وشراسة الخلق ) ای صعوبته ( فان ذلك ذم لا يستحسن و عيب لا برتضى ) في وقت من الأوقات (وانما يريد ) بالكدر ( الكف والانقباض في موضع يلام فيه المساعد ويذم فيه الموافق ) قال السعدی در شتی و نرمی هم با خوشست . چوفساديش زن و مرهم هست ( فاذا كانت لمحاسن الاخلاق حدود مقدرة ومواضع مستحقة فان تجاوز بها الحد صارت ملقا ) مذموما ( وان عدل بها عن مواضعها صارت نفاقا والملق ذل) وحقارة للنفس ( والنفاق لؤم وليس لمن وسم بهما و د مبرور ولا اثر مشکور) کیف ( وقدروی حکیم ) بن معاوية بن حيدة التابعي الثقة ( عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شر الناس ) عندالله ( ذو الوجهين ) وفي رواية البخاري ومسلم عن أبي هريرة تجدون من شر الناس عند الله يوم القيامة ذا الوجهين وفسره بقوله ( الذي يأتي هؤلاء ) القوم ( بو جه و ) يأتي ( هؤلاء بوجه ) فيكون عند ناس بكلام وعند اعدائهم بضده وذلك من السعي في الارض بالفساد قال القرطي انما كان ذو الوجهين شر الناس لان حاله حال المنافق اذ هو متملق بالباطل و بالكذب يدخل بين الناس الفساد وقال النووي هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها انه منها و مخالف لضدها وصنيعه نفاق محض و کذب وخداع و تحيل على الاطلاع على الاسرار وهي مباهتة محرمة قال فأما من يقصد بذلك الاصلاح بين الطائفتين فمحمود وقال غيره الفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها و يقبحه عند الاخرى وذم كل طائفة عند الأخرى والمحمود ان يأتي كل طائفة بما فيه صلاح الاخرى ويعتذر لكل طائفة عن الاخري وينقل اليها ما أمكنه من الجميل ويستر القبيح ( وروی مكحول عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاينبغنى لذي الوجهين أن يكون ) و رواية الشيخين ذو الوجهين لايكون( وجيها عند الله ) أي ذا قدر و منزلة لما يتفرع عليه من الفساد بين العباد بخلاف المصلح بين الناس في البلاد ( وقال سعيد بن عروة لان يكون في نصف وجه و نصف لسان على ما فيهما من قبح المنظر، وعجز المخبر) لعدم امكان التكلم و الافادة بنصف لسان ( احب إلي من أن أكون ذا وجهين وذا لسا نین و ذا قولين مختلفين لورود الوعيد الشديد فيه ( وقال الشاعر ) من الكامل المرفل ( خل النفاق لاهله . وعليك في فالتمس الطريقا ) ای اترك الاتفاق لاهل النفاق ولا تبعهم فيه و الزم نفسك فالتمس لها الطريق المستقيم الذى محمد صلى الله عليه وسلم قائده وعيسى عليه السلام سائقه والعلماء اعلامه والخلافاء حراسه والمردة والشياطين قطاعه والتقوی زاده و الاخلاص مزاده . و المؤمنون سالكوه ( وارغب بنفسك لن ترى ، الاعدوا او صديقا ) ، يعني ان رأيتها عدوا يكفيك مجاهدتها وان رأيتها صديقا يكفيك معاونتها لتحصيل الفضائل فما بالك بالنفاق واهله ( وقال ابراهيم بن محمد) بن على بن عبدالله بن عباس رضی الله عنهم تولد في الشام سنة اثنتين وثمانين وكان ابوه من اصدقاء ابي مسلم الخرساني وقد عزم ابو مسلم نصبه خليفة حتى خطب في خراسان باسمه فكتب مروان الى والى البلقاء باخذه وارساله الى الشام فحبسه في سجن حران سنة تسع وعشرين ومأة ولم يعش الا قليلا حتى توفي اما من وباء او سم و ( وكم من صديق وده بلسانه .خؤن بظهر الغيب لايتذمم ) ه ای لا يستنكف عما یوجب الذم وتفعل للتجنب او السلب يقال تذمم الرجل اذا استنکف ومنه يقال اذا لم اترك الكذب تأثما لتركته تذمما وخؤن صيغة فعول من الخيانة ( ويضاحكنى عجبا أذا ما لقيته . ويصدفني منه اذا غبت اسهم ) يقال صدف فلان من الباب الأول والثاني اذا الصرف ومال يعني ذلك المتصادق يلقاني بالبشر و يعجبني افعاله الحسنة واذا غبت عنه رمینی بذمائمه ( وكذلك ذو الوجهين يرضيك شاهدا . و في غيبه أن غاب صاب وعلقم ) مثل حنظل لفظا ومعنى والشي المر مطلقا والصاب وكذلك الصابة بمعنى الحنظل ايضا و نيت كثير اللبن خبيث الرائحة والطعم و ثمرة نبت آخر كالبيض خبيث الرائحة والطعم ( وربما تغير حسن الخلق والوطاء الى الشراسة والبذاء لأسباب عارضة وأمور طارئة تجعل اللين خشونة والوطاء غلظة والطلاقة عبوسا * فمن اسباب ذلك الولاية التي تحدث في الأخلاق تغيرا وعلى الخلطاء تنكرا أمامن لؤم طبع واما من ضيق صدر ) فلا يرغب الى اصدقائه القديمة لانفراده من بينهم ( وقد قيل من تاه ) وتكبر ( في ولايته ذل في عزله ) اذ ينفرد حينئذ حقيقة ( وقبل ذل العزل يضحك من تيه الولاية ) و يستهزأ به ( ومنها العزل فقد يسوء به الخلق ويضيق به الصدر اما لشدة اسف ) على ماقات من عز الولاية ( او لقلة صبر ) على ماينقاساه من شماتة الأعداء ( حكي حميد الطويل ان عمار بن یاسر عزل عن ولاية الكوفة في خلافة عمر رضي الله عنهما وكان نصيه فيها وقد شهد بدرا و المشاهد كلها وقتل بصفين سنة سبع وثلاثين ( فاشتد ذلك ) العزل ( عليه وقال اني وجدتها حلوة الرضاع مرة الفطام ) بكسر الفاءاسم بمعنى انقطاع الرضيع من اللبن وقال المغيرة بن شعبةاحب الامرة لثلاث لرفع الأولياء ووضع الأعداء واسترخاص الأشياء واكرهها لثلاث لروعة البريد وذل العزل و شماتة الأعداء ( ومنها الغني فقد تتغير به اخلاق الئيم إطرا وتسوء طرائقه اشرا ) ای مرحا ( وقد قيل من نال استطال ) ای تکبر وقال بعض الحكماء اذا ایسر الرجل ابتلى بثلاثة اشياء صديقه القديم بجفوه وامرأته يتزوج عليها و داره بهدمها ويبنيها | ( وانشد الرياشی ) من البسيط ( غضبان يعلم أن المال ساق له ، مالم يسقه له دين ولا خلق) يعنى المعاتب غضبان لزعمه أن ماله ساق له من العز والشرف مالم يسق له دينه وخلقه وقد يفدي المال دون الدين فاعتقاد تعظيمه بلاهة فبني على ذلك العتاب وقال هو( فمن يكن عن کرام الناس يسألني . فاكرم الناس من كانت له ورق ) بفتحتين او فکسرالدراهم المضروبة ای فاقول اكرم الناس اصحاب الدراهم لتأذيهم بسلام وغضبهم بكلام وقال بعض الشعراء وفي شواهد الكشاف قال أبو الهول في صديق له ایسر فللم يجده كما يحب ( ولئن كانت الدنيا انالتك ثروة ، فاصبحت ذا يسر وقد كنت ذا عسره لقد كشف الاثراء منك خلائقا . من اللؤم كانت تحت ثوب من الفقر ) الاثراء مصدر اثری ای صار ذا ثروة وللحرث بن كلدة الثقفي قصيدة تضمن ألطف عتاب وأحسنه قالها وقد خرج الى الشام فكتب إلى بني عمه فلم يجيبوه وهي قوله * الا ابلغ معاتبتى وقولى .. بني عمي فقد حسن العتاب .. وسل هل كان لي ذنب إليهم . هموا منه فاعتبهم غضاب .. کتبت اليهم كتبا مرارا . فلم يرجع إلى لها جواب .. فماأدری اغيرهم تناء . وطول العهد ام مال اصابوا .. فمن يك لايدوم له وصال . وفيه حين يغترب انقلاب .. فعهدی دائم لهم وودی .. على حال اذا شهدوا وغابواه .. ولايخفى على ذى الذوق السليم لطف هذا العتاب والحساب المستطاب ولعمري انه حری بقول الآخر .. و املى عتابا يستطاب فليتني . اطلت ذنوبي کي يطول عتابه ( وبحسب ما أفسده الغني كذلك يصلحه الفقر وكتب
قتيبة بن مسلم ) بن عمرو الباهلي نشأ في الدولة المروانية وترقي وولي الأمارة وفتح الفتوحات العظيمة وعبر الى ماوراء النهر ثم غزا الصين وكاشغر فصالحهم وقد اذعنت له ممالك ماوراء النهر وفتح سبعة حصون لايرتقي اليها فصنع معبد المغني سبعة ادوات صعبة المأخذ وسماها مدن معبد معارضة القتيبة و تفصيله في سرح العيون ( الى الحجاج ان أهل الشام قد التاثوا عليه ) افتعال من اثبت يده اذا لزجت من دم اللبن اي التزجوا على قتيبة وفسدوا حين كان كاتب عبدالملك ( فكتب اليه ) الحجاج ( ان اقطع عنهم الارزاق ) وان مفسرة لما في الكنب من معنى القول واقطع امر (ففعل ) القطع ( فساءت حالهم فاجتمعوا إليه فقالوا اقلنا ) صيغة دعاء ورجاء من اقاله البيع اذا فسخه فلما ايقن أهل الشام غبنهم في صفقتهم استقالوا ( فكتب الى الحجاج فيهم فكتب اليه ان كنت آلست ) ای علمت ( منهم رشدا فاجر عليهم ما كنت تجری ) اذا فسدوا ( واعلم ان الفقر جند الله الاكبر) صفة المضاف ( يذل به كل جبار عنيد يتكبر )
وهذا صابون عملها الحجاج ( وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لولا أن الله تعالى اذل ابن آدم بثلاث ما طأطأ رأسه لشىء ) من استكباره وعتوه ( والفقر والمرض والموت ، ومنها الفقر فقد يتغير به الخلق أما أنفة من ذل الاستكانة) و والخضوع و اما افتعال من سكن او استفعال من كان ( او اسفا على فاتت الغني ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم على ما رواه أبو نميم عن انس ( کاد الفقر) ای الاحتياج الى مالا بد منه ( أن يكون كفرا ) ای قارب أن يوقع في الكفر لانه يحمل على عدم الرضاء بالقضاء و تسخط الرزق والاعتراض على الله وذلك يجر إلى الكفر( وكاد الحسد أن يغلب القدر ) قال المناوي ای کاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر فلا يرى أن النعمة التي حسد عليها أنما صارت اليه بقضاء الله وقدره ( وقال أبو تمام الطائي ) وهو من الطويل ( واعجب حالات ابن آدم خلقه ) أي اخلاقه ( يضل اذا فكرت في كنهه ألفكر ) في فاعل يضل ای يتحيرا لفكر ولا يهتدى الى المطلوب ( فيفرح بالشي القليل بقاؤه ) . و ذلك الشي” هو المال ويجزع مما صار وهو له ذخر ) لسعادته الأبدية أن صبر على ما صار اليه وهوالفقر وقال الله تعالى عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم Converted by Tiff Combine – (no stamps are applied by registered version)]
انى اجنب الريا . ح مكتب على المروحة المنى . والافقد عشنا بها زمنا رغدا وقال آخر من البسيط اذا تمنيت بت الليل نا في الكف لطيفة. مسكني قصر الخليفة اصلح الا . . او ظريفة. الصديق وامانى تقطع بها ايامك ومنها الهموم التى تذهل اللب وتشغل القلب فلا تتبع لو وصيف حسن القد الاحتمال ولا تقوى على صبر ) فى الطب النبي الهم لامر ينتظر وقوعه وذها به والغم لامر واقع شبيه بالوصيفة ويكتب ايضاً وبى يدفع الحجل ولا قوة الا بالله العلى العظيم . وينبغى لمن كثر همه ان يتشاغل بما ينسيه ذلك وعنه عليه السلام و حجاب اذا الحبيب ما على احدكم اذا لج به همه ان يتقلد سيفه وعن ابن مسعود مرفوعا قال ما اصاب عبداهم لى الرأس للقبل منه
وربما تسلى الفقير المتأسف والمسكين المتلهف من هذه الحالة بالاماني وان قل صدقها وقد سبق ان الآمال ما تقيدت باسباب والاماني ما تجردت عنها قال رجل لابن سيرين رأيت كأني اسبيح بغير ماء واطير بغير جناح فقال له انت رجل تكثر الاماني فقد قبل قلما تصدق الامنية ولكن قد يعتاض المتلهف بها سلوة ) بضم اوفتح فسكون أسم من التسلية اى فراغة خاطر واستراحة قلب من هم او له يعتاض علي مسرة برجاء وقد قال ابو العتاهية من الكامل حرك مناك اذا اعتممت فانهن مراوح جميع مروحة والاعتمام يلزمه الحرارة ولذا يكون دمع الحزن حارا ومضرا بالعين فمروحة الاعتمام الامنية وقال ابن المعتز لنعم الرفيق الامنية ان لم يبلغك فقد آنسك واستمعت به قال ابن ميادة * اماني من ليلى حسان كأنما . سقتنى بها ليلى على ظماً بردا * منى ان تكن حقا تكن احسن مغتبطا ) اى فرحا مسرورا ان المنى رأس أموال المفاليس وقال افلاطون التمنى حلم المستيقظ وسلوة المحروم وقيل لاعرابى ما امنع لذات الدنيا قال ممازحة الحبيب ومحادثة او لخير فات وهما يحدثان الحميات اليومية وقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الهم والحزن في دبر كل صلاة وقال ابن عباس مرفوط من كثرت همومه و خمومه فليكثر من قول لاحول ولاحزن فقال اللهم انى عبدك وابن عبدك وابن امتك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك والزلته في كتابك أو علمته أحدا . او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب . همى الا اذهب الله حزنه وهمه وابدله مكانه فرحا ) ذكره احمد في المسند وابن ماجة في صحيحه وقد قيل الهم كالسم ) فى ت