لهن مثل الذي عليهن
شرف الأمة أن تحكمها تقاليد النبل أكثر مما تحكمها قوانين القمع . إن سلطان الأخلاق أجدى وأرحب من سلطان الدولة ، والمنعة الحقيقية للأمم هي في سيادة الهدى والتقى والعفاف والغنى – الاكتفاء والرضا – وقد عين عمر بن الخطاب قاضيا أيام أبي بكر ، فظل سنة كاملة لا يأتيه خصم ، لأن الناس أنصفوا من أنفسهم ، وقديما قيل : إذا أنصف الناس استراح القاضي ! .
وأذكر أن رجلا قال لعمر : أريد أن أطلق امرأتى ! قال له عمر : لم ؟ قال : لأنى لا أحبها ! قال عمر : أو كل البيوت بنى على الحب ؟ فأين التذمم والوفاء ؟ والواقع أن الأخلاق وحدها هي التي تقوم عليها البيوت ، وأن سياط القانون أفشل شيء في إقامة علاقات أسرية سليمة .. وفى الحديث أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم ، وفى رواية وإن من أكمل المؤمنين أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله . وكما أوصى الإسلام الرجل بامرأته ، أوصى المرأة بزوجها ، وجعله جنتها أو نارها حسب معاملتها له …..
غير أن بيوتا كثيرة فقدت روح الدين وتعاملت بطباع الحيوان أكثر مما تعاشرت بخلائق الإيمان ، فهى تتنفس في جو من الشراسة والنكر ، ولست أدرى أين في جنباتها مكان المودة والرحمة .
لقيتنى فى المسجد زوجة تجن من الغيط ، تقول : إن زوجها ضربها ضربا مبرحا ، وأحسست أنها سوف تبيع الدين والدنيا معا لتتركه . ولقيت الرجل وسألته معاتبا فإذا هو يجيبنى : إنى أؤدبها لأنها تكثر من مراجعتى ! قلت له : ليس لك هذا . إن الضرب ما يقبل إلا إذا نشزت المرأة واستكبرت على زوجها واحتقرت رغبته وتركته وكأنه بلا صاحبة ! وحالة أخرى : أن تأذن فى بيته لمن يكره دخوله فإن من حقه أن يغار ، وألايرى فراشه أجنبي ! أما الضرب خبط عشواء ، فهذه حيوانية وليس يجوز للرجل أن يكون مع زوجته وحشا ولا قبيحا .. ؟
إن الإسلام جعل الرجل قيما على بيته ، وجعل الحقوق والواجبات قسمة متبادلة بين الزوجين ، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف .
وأعرف أن من النفوس حرائر وإماء وأن من الرجال والنساء من يستجيب للعنف أكثر مما يستجيب للطف ! . لكن شيئا من هذا لا يبيح لنا أن نظلم الإسلام أو نسلك مسالك تجر عليه التهم ، وتجعل البعض يقول : إنه يهين الأنوثة ويجرح كرامتها ويستبيح الخشونة معها .