شائعة مكذوبة
! الفتوى الشائعة بين بعض المسلمين والمتناقلة بين خصوم الإسلام أن الإسلام يقيم أسوارا عالية بين الجنسين حتى لا يرى أحدهما الآخر ، فالرؤية المجردة محرمة ! .
وقد رجعت إلى القرآن الكريم والسنن المتواترة والصحيحة فوجدت أن هذه الشائعة مكذوبة وأن الرؤية العادية لاشيء فيها ، وإنما المرفوض هو الرؤية الجريئة الوضيعة التي تبحث عن الإثم ا
ومن ثم أمر الدين بغض البصر ، أمر بذلك الرجال والنساء على السواء ، فإذا حدث أن وقع البصر على شيء يثير ، وجب على المسلم ألا يعاود النظر ، وأن يحصن ضميره من الريبة وشتى الوساوس . فالمسجد والشارع وأرجاء المجتمع يوجد فيها الجنسان تحكمها هذه الآداب :
عدم التبرج والإثارة ، غض البصر والتزام العفة ، انشغال كل مسلم ومسلمة بالأغراض المشروعة التي خرج من أجلها .
وقد تواتر ذلك في حياة السلف الأول فرئيت المرأة فى المسجد ، بل تبعت الجيوش المقاتلة ، يحيط بها سياج من آداب الإسلام المقررة . .. وأعرف أن هناك أثارا واهية نبذها أصحاب الدقة العلمية في تمحيص المرويات ، ولم يذكرها عالم يروى الصحاح ، ولا احترمها فقيه ينقل حقائق الإسلام ، مثل ماروى عن فاطمة أن المرأة لا ترى رجلا ولا يراها رجل ، ومثل حديث منع الرسول بعض نسائه أن يرين عبد الله بن أم مكتوم ! وتلك كلها أخبار لا تساوى الحبر الذي كتبت به ، وهي ظاهرة التناقض مع مقررات الكتاب والسنة المقطوع بثبوتها ودلالتها .
ولكن هذه المرويات المنكرة من الناحية العلمية هى التي صنعت الفكر الإسلامي في العصور الأخيرة ، وفرضت الأمية والتخلف لا على المرأة وحدها ، بل على نظام الأسرة وكيان المجتمع وطبيعة التشريع .
ووجد من خطباء المساجد من يقول : المرأة لا تخرج من بيتها إلا إلى الزوج أو إلى القبر ! . ومن أيام جاءتني امرأة ثاكلة تقول : إن فؤادها يحترق من الحزن ، وإنها تريد أن تزور قبر ابنها .. قلت لها : ولماذا لم تزوريه ؟ قالت : إن إمام المسجد ذكر أن اللعنة تنزل على من يفعل ذلك ! قلت لها : زورى قبر ابنك وأنت محتسبة صابرة ، ثم عودى إلى بيتك وأنت مسلمة بقضاء الله ، ولك الأجر إن شاء الله ، إن النبي ـ عليه الصلاة والسلام – فيما روى البخارى لم ينه عن هذه الزيارة ، ولا لام صاحبتها .
إن هناك عقولا معتلة ، تتعشق الآثار المعتلة ، وتبنى عليها ما تهوى من أحكام والإسلام النقي برىء من هذه الانحرافات . إننا في عصر شاركت المرأة الرجل غزو الفضاء فلا يجوز أن نترك القاصرين يثيرون على ديننا التهم ، وينقلون إلى الناس ما في نفوسهم من علل .